Image default
مقالاتمقالات نيافة الأنبا تكلا

الشبع الداخلى

كنا قد تكلمنا فى الأسبوع الماضى عن المجد الداخلى لأمنا الطاهرة القديسة مريم العذراء .. فتكلمنا عن الجمال الداخلى  و اليوم نود أن نتكلم عن فضيلة أخرى من المجد الداخلى .. و هى الشبع الداخلى .. و هو على الأقل :

 

( 1 )  شبع روحى :  

كانت من صغرها تحيا فى الهيكل وسط الصلوات و التسابيح والقراءات الروحية و العظات .. لذلك كانت حقا شبعانة روحيا ، لم يستطع العالم أن يغريها أو يشدها إليه .. و هنا نقول لمن يعلق أخطاءه على الظروف الخارجية: لو كنت شبعانا من الداخل لن تثيرك أو تشدك هذه الأمور .. فالضغط الخارجى يحطم العود الأجوف لا العود المصمت .. و المياه تغرق السفينة التى بها عطب أو ثقب . ليتنا نتعلم من يوسف الصديق و دانيال و الثلاثة فتية .. بل من نوح البار الذى حفظ نقسه وسط كل العالم الشرير .. فلنشبع بالصلاة و القراءة الروحية و العظات المقدسة ..

( 2 ) شبع نفسى :  

حقا ما أصدق قول الكتاب المقدس [ النفس الشبعانة تدوس العسل ، و للنفس الجائعة كل مر حلـو (أم27:7) ] .. حقا إن كانت النفس شبعانة فسوف تترفع عن كل الصغائر و النقائص فلا تنظر إلى التفاهات و لا تجرى وراء الدنايا .. شبعها الداخلى يغنيها عن أى شبع خارجى .. فالمال و المقتنيات و الشهوات لا تغريها بل  تدوس هى عليها . و لكن إن جاعت ستقبل أى شئ يُعرض عليها حتى و لو كان مرا ستجده حلوا لأنها فارغة جائعة .. لتشبع نفوسنا بالفضيلة حتى تدوس الخطيئة التى قد تبدو كالعسل .

 ( 3 ) شبع عاطفى :  

كانت أمنا القديسة فى حالة شبع عاطفى .. كان يملأ قلبها الحب نحو الله و الناس حب الخير للغير ، حب الخدمة .. لذلك رأيناها مكرسة للرب ، تحب الناس كما فعلت فى عرس قانا الجليل و ما زالت تفعل بشفاعتها عن الناس، تحب الخدمة مثلما فعلت مع أليصابات إذ خدمتها ثلاثة أشهر كاملة .. إن الشبع العاطفى يحمى الإنسان و يحفظه من السقوط و الانحراف .. لذلك فلنحرص فى بيوتنا لتوفر الحب و الحنان ليشبع بهما أفراد الأسرة و لا يبحثون فى الخارج عنه.. فالحب داخل الأسرة لا يوجد مثيل له فى الخارج .. فهل يوجد حب مخلص أكثر من حب الأب و الأم لأبنائهما .. وهل يوجد حب أخلص من حب الزوج لزوجته و الزوجة لرجلها .. إن الحب الخارجى قد يكون حبا زائفا  يكون  له اغراض و مصالح .. و قد لا يدوم و لا يستمر .

( 4 ) شبع فكرى :

كانت أمنا القديسة شبعانة فكريا ممتلئة من كل فكر صالح .. و قد خرج نتاج معرفتها فى تسبحتها الجميلة التى قالتها فى بيت زكريا و أليصابات . فهى توضح مدى معرفتها لكثير من أسفار العهد القديم .. لذلك علينا أن نتعلم منها كيف نشبع فكريا .. بالقراءة و المعرفة و الفهم .. فذلك يعطى للإنسان حكمة تحفظه من السقوط  فى تيارات فكرية خاطئة .. فالله قال قديما [ قد هلك شعبى من عدم المعرفة ( هو 4: 6) ] و قال الكتاب المقدس [ الحكمة هى الرأس فاقتنِ الحكمة و بكل مقتناك اقتنِ الفهم ، ارفعها فتعليك ، تمجدك إذا اعتنقتها تعطى رأسك اكليل نعمة ، تاج جمال تمنحك ( ام 4 :7-9) ] و قال أحد القديسين ( العقل الفارغ معمل للشيطان ) .. لذلك لا تترك عقلك فارغا ليضع الشيطان فيه ما يشاء .. بل املأ عقلك بكل ما هو نافع و مفيد .. لتشبع و ترتوى ..و تشبع الأخرين أيضا .

Related posts

اثنان خير من واحد

emdish

قائمة خطيرة ـ العـثرة

emdish

قائمة خطيرة ـ قلة الإيمان

emdish

Leave a Comment