بالقراءة فى سفر الأعمال الأصحاح الأول نرى أن الفترة ما بين القيامة و الصعود قضاها الرب فى مراجعة نهائية للتلاميذ عن كل المبادئ و الأسس التى وضعها لهم فى فترة خدمته على الأرض و يمكننا تلخيصها و التعلم منها فيما يلى :
- الاختيار :
[ إلى اليوم الذى ارتفع فيه بعدما أوصى بالروح القدس الرسل الذين اختارهم ( أع 1: 2 ) ] . إن الرب كان قد اختار تلاميذه و رسله اختيارا دقيقا من وسط مجموعة كبيرة كانت تتبعه .. اختارهم بعد الصلاة و بعد الاختبار .. و هذا يعلمنا أهمية الاختيار و كيفيته .. إن الحياة لا يمكن أن يقبل الإنسان منها كل ما يفرض عليه ، بل عليه أن يختار ما يناسبه ، و يلائمه إلى هدفه النبيل من النمو و الرقى . ولعلنا كما نحتاج لاختيار ما نأكله و ما نشربه و ما نلبسه علينا أيضا أن نختار ما نقرأه و ما نسمعه و ما نشاهده ، من نصادقه ومن نصدقه ، ما نفكر فيه وما نستخدمه من وسائل و طرق .. علينا كذلك أن نختار جيدا الشخص المناسب الذى سيشاركنا الحياة ، علينا أيضا أن نختار الأسلوب المناسب و الطريقة و السلوك المناسب ..ويجب أن نضع أمام أعيننا أن اختيارنا يجب أن يكون نابعا من اقتناعنا الداخلى و ليس مفروضا علينا من الناس أو الظروف فنحن سنُحاسب على اختيارنا ولن نستطيع أن نتحجج بالظروف أو العوامل الخارجية ..و إن كنت تخشى الفشل فى الاختيار فعليك أن تصلى جيدا و تختبر جيدا و تستشير جيدا لكي ما تستطيع فى النهاية أن تختار جيدا .
- المنهج:
[ الكلام الأول أنشأته يا ثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع يفعله و يعلم به إلى اليوم الذى ارتفع فيه ( أع 1: 2 ) ] إن كان الرب قد اختار تلاميذا فلا بد ان يعد لهم منهجا ليدرسوه . و كان هذا المنهج يهتم بالناحية العملية إلى جوار الناجية النظرية . فلم يكن الرب يهتم بإلقاء الخطب فقط . وكان يصحبهم معه فى كل مكان يذهب إليه ليروا كيف يكون السهر الروحى ، والامتلاء من الآب ، وكيف تكون الصلاة العميقة الطويلة المملوءة مشاعر حتى إلى الدموع و العرق الممزوج بقطرات الدم ..و كيف تكون المواجهات و حسمها مع الشيطان وأعوانه من الأشرار و المقاومين و المعاندين و كيفية التعامل معهم فى شجاعة وطول بال مع اقتناع ..و أراهم كيفية التعامل مع الناس بتنوع طبقاتهم و روحياتهم و معرفتهم ..فيبسِّط لهم الأمور الصعبة و يشرح لهم عن الملكوت كلاً حسبما يتفق مع مستواه و معرفته ..و كيف يحنو و يرحم الضعفاء و الخطاة و العشارين و يفرق ما بين الخطية و الخاطئ ..كيف يوازن بين الحزم و العطف ، و بين العدل و الرحمة ، و بين الشجاعة و الحنو .. أراهم فى هذه الفترة كيف يعملون قبل أن يعلِّموا .. و كيف يحبون الكل و كيف لا يدينون أحدا .. و كيف يشفقون على المساكين والجائعين و المنطرحين بلا راع .. بأن يأخذهم معه ليحضروا عظاته و يتعلموا منه كيف يكون العظة ملائمة لكل شخص بسيطة سهلة و مركزة . و كان يشرح لهم على انفراد كل ما خفى عليهم من عظاته و ما صعب فهمه ..و لكنه كان أيضا يعلمهم تعليما نظريا قابلا للتطبيق و يصحح لهم مفاهيم خاطئة كثيرة .. ولكن ما هذه التعاليم و المفاهيم 00 هذا ما سنتكلم عنه فى مرة قادمة إن شاء الله .
